في أقصى شمال الأردن، عند نقطة التقاء نهر الأردن بنهر اليرموك، تقف الباقورة شامخة كصفحة ناصعة من تاريخ الوطن.
تمتد على مساحة تقارب 6 آلاف دونم، وتتميّز بأراضيها الخصبة و موقعها الاستراتيجي الذي جعلها عبر العصور محطة للتجارة والزراعة.
تاريخ هذه الأرض حافل بالأحداث، فمنذ عام 1920 حين منح الاحتلال البريطاني امتيازًا لشركة كهرباء فلسطين لبناء محطة توليد على نهر الأردن، وحتى عام 1948 حين تغيرت ملامح المنطقة بعد احتلال فلسطين، ظلت الباقورة تحتل مكانة خاصة.
وفي معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية عام 1994، بقي جزء منها مؤجّرًا لفترة محدودة، قبل أن يعلن الأردن في عام 2019 استعادة سيادته الكاملة عليها، ليعود النبض الوطني إليها من جديد.
لكن الباقورة ليست مجرد أرض استعادها الوطن، بل هي لوحة تجمع بين عبق التاريخ وسحر الطبيعة.
تقول الروايات المحلية إن أشجار الزيتون فيها يتجاوز عمر بعضها 500 عام، شاهدة على مرور قوافل التجار منذ أزمان بعيدة، كما يحكي كبار السن عن ليالي الصيف حين ينعكس القمر على مياه النهر، فيرسم مشهدًا أشبه بالخيال، كانت ضفافه مسرحًا لاحتفالات أهل المنطقة البسيطة.
اليوم، أصبحت الباقورة وجهة سياحية متفرّدة، تستقطب عشّاق الطبيعة والفنانين الذين يجدون في غروب شمسها لوحة لا تتكرر، حيث تمتزج ألوان السماء مع صفاء الماء في مشهد يأسر القلب
والعين، إنها بحق رمز للصمود، ودرس في أن الأرض تبقى ما بقيت الروح متمسكة بها.