في سجلّ التاريخ الإسلامي، يبرز اسم عمر بن عبد العزيز شامخًا كرمزٍ للعدل والحكمة والزهد، حتى لقّبه المؤرخون بـ"الخليفة الراشدي الخامس"، رغم أنه أحد خلفاء الدولة الأموية، تولّى الخلافة عام 99 هـ بعد وفاة الخليفة سليمان بن عبد الملك، ولم تدم خلافته أكثر من عامين ونصف، إلا أنها كانت حافلة بالإصلاحات والإنجازات التي غيّرت وجه الدولة الإسلامية.
وُلد عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة عام 61 هـ، وتربّى في كنف كبار العلماء والفقهاء، وكان محبًا للعلم والعدل منذ نعومة أظفاره، عُرف بالتقوى والزهد، وعند تولّيه الخلافة شرع في إصلاحات جذرية؛ فرفع المظالم، وأعاد الحقوق إلى أصحابها، وأمر بجمع الأموال التي دخلت بيت المال بغير وجه حقّ، وتوزيعها على الفقراء والمستحقين.
ومن أبرز إنجازاته، أنه أوقف التوسعات العسكرية مؤقتًا ليركّز على الإصلاح الداخلي، كما أرسل الدعاة إلى الأقاليم لتعليم الناس الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وحرص على توحيد المسلمين على الكتاب والسنة، بعيدًا عن العصبيات القبلية والانقسامات السياسية.
ورغم قِصر فترة حكمه، إلا أن أثره ظل ممتدًا عبر العصور، فقد توفي عام 101 هـ، وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، لكن اسمه بقي خالدًا في ذاكرة الأمة الإسلامية، ومثالًا يُحتذى به في النزاهة والعدل والرأفة بالرعية.