في زمن أصبحت فيه الخرائط الرقمية دليلنا اليومي، يغيب الكثير من المواقع التراثية الصغيرة وغير المعروفة عن العدسات والاهتمام، وكأنها غير موجودة.
"Google Maps" قد يوصلك إلى أشهر المعالم والمطاعم، لكنه لا يُظهر تلك الزوايا المنسية من القرى القديمة، أو الدروب الحجرية التي سار عليها الأجداد، أو الآبار التاريخية والبيوت الطينية التي تحمل بين جدرانها حكايات لا تُقدّر بثمن.
في الأردن، كما في العديد من الدول العربية، هناك مواقع تراثية محلية لا تعرف عنها الأجيال الجديدة شيئًا، ليس لأنها غير مهمة، بل لأنها لم تُوثَّق، ولم تُدرج على خرائط التكنولوجيا الحديثة فكم من مقام صغير أو خربة قديمة أو سوق شعبي تقليدي اختفى وسط موجات التحديث والبناء العشوائي؟ وكم من قصة شعبية متصلة بمكان تراثي لم تُروَ إلا في ذاكرة كبار السن؟
غياب هذه الأماكن عن الوعي العام ليس فقط تهديدًا للتراث، بل إضعاف للهوية الثقافية المحلية، وقطع لصلة الشباب بجذورهم وعندما لا نجد هذه المواقع على الإنترنت، يصبح من السهل تجاهلها أو هدمها دون إدراك قيمتها التاريخية أو الرمزية.
هنا يأتي دور المبادرات المجتمعية والمدارس والصحفيين الشباب في توثيق هذه الوجهات، سواء عبر الصور، أو القصص، أو مواقع التواصل، فالتكنولوجيا ليست عدوًا، بل أداة يمكن توظيفها لحفظ ما تبقى من التراث.
ربما لا نجد هذه المواقع على Google Maps اليوم، لكنها تستحق أن تُرسم على خريطة ذاكرتنا الجماعية قبل أن تضيع إلى الأبد.