تعد المساحات الخضراء عنصرًا أساسيًا في تصميم المدن الحديثة، حيث تسهم إلى حد بعيد في تعزيز جودة الحياة للسكان.
و تشمل هذه المساحات الحدائق العامة، والمتنزهات، والأسطح النباتية على المباني، والطرق المزينة بالأشجار.
تمتد فوائد هذه المساحات إلى جوانب بيئية وصحية متعددة، مما يجعلها ضرورية لاستدامة المدن.
ومن من أهم الفوائد البيئية للمساحات الخضراء تحسين جودة الهواء حيث تمتص النباتات غاز ثاني أكسيد الكربون وتحرر الأكسجين، مما يسهم في تعزيز جودة الهواء.
كما أن المساحات الخضراء تؤدي دورًا في تقليل الملوثات الهوائية، مثل الجسيمات الدقيقة، مما يسهم في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي.
تعمل المساحات الخضراء كأطراف تبريد طبيعية في المدن من خلال عملية التبخر التي تقوم بها النباتات، مما يساهم في خفض درجات الحرارة المحيطة، هذا يقلل من تأثير ظاهرة "جزر الحرارة الحضرية"، حيث ترتفع درجات الحرارة في المناطق الحضرية مقارنة بالمناطق الريفية.
ومن فوائدها أيضا أنها تساهم في تحسين إدارة مياه الأمطار عن طريق تقليل الجريان السطحي إذ تعمل التربة والنباتات على امتصاص كميات كبيرة من المياه، مما يساهم في تقليل الفيضانات وتعزيز تغذية المياه الجوفية، كما تسهم هذه الظاهرة في تقليل تلوث المياه الناتج عن الجريان السطحي.
كما تعمل المساحات الخضراء على تعزيز التنوع البيولوجي كونها توفر مأوى لعدد كبير من الأنواع من النباتات والحيوانات، مما يساعد في الحفاظ على تنوع الحياة البيولوجية، ويُعتبر وجود هذه الأنواع ضروريًا لاستدامة النظم البيئية.
ومن فوائدها الصحية تحسين الصحة النفسية حيث أظهرت الأبحاث أن قضاء الوقت في الأماكن الطبيعية يمكن أن يقلل من مستويات التوتر والاكتئاب، و تساعد البيئة الخضراء على تحسين المزاج وتعزيز الشعور بالرفاهية.
كما توفر المناطق الخضراء بيئات ملائمة لممارسة النشاطات البدنية مثل المشي، الجري، وركوب الدراجات، و تساهم هذه الأنشطة في تحسين اللياقة البدنية وتخفيف مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السمنة ومرض السكري.
و تُعد الحدائق العامة والمتنزهات مواقع تجمع اجتماعي، حيث تقدم هذه المساحات فرصًا للتواصل بين الناس وتعزيز العلاقات الاجتماعية، مما يساهم في تطوير المجتمعات المحلية.
كما أظهرت الدراسات أن الأفراد الذين يسكنون بالقرب من المناطق الخضراء يعيشون لفترة أطول، ويكونون أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكري، و يعود السبب في ذلك إلى تحسين أسلوب الحياة و زيادة النشاط البدني.
على الرغم من الفوائد العديدة للمساحات الخضراء في المدن، إلا أنها تواجه تحديات مثل نقص التمويل والصيانة وزيادة الطلب على الأراضي الحضرية، ومع ذلك، يمكن أن تُعتبر هذه التحديات فرصًا لتعزيز التخطيط الحضري المستدام، باستخدام استراتيجيات مثل تجديد المساحات الحضرية وتحويل المباني المهجورة إلى حدائق عامة، يمكن للمدن تحسين البيئة العامة ورفاهية سكانها.
المساحات الخضراء تؤدي دورًا حيويًا في المدن، فهي ليست فقط عنصرًا جماليًا، بل أساسية لتحقيق الاستدامة وتعزيز جودة الحياة، و يجب أن تدمج هذه المساحات في التخطيط الحضري لتعزيز الفوائد البيئية والصحية، مما يضمن مستقبلًا أكثر صحة واستدامة للمدن و لقاطنيها.