في قلب الشرق الأوسط، ينهض الأردن كوجهة روحية تجمع الديانات السماوية الثلاث، ويقدّم تجربة فريدة للزائر الباحث عن الإيمان والسلام، متجاوزًا الصورة النمطية للسياحة التقليدية، ليُصبح محطة للحج والتأمل والتاريخ الحي.
لا تقتصر السياحة في الأردن على روائع البتراء، وسحر وادي رم، وسكون البحر الميت، بل يمتلك هذا البلد الصغير جغرافيًا إرثًا روحيًا كبيرًا، يجعله من أهم الوجهات السياحية الدينية في المنطقة، حيث تتقاطع الرسالات السماوية وتترسخ معاني الإيمان في كل بقعة من أرضه.
يُعتبر الأردن من أبرز محطات الحج المسيحي في العالم، بفضل موقع المغطس (بيت عنيا عبر الأردن) في منطقة غور الأردن، حيث يُعتقد أن السيد المسيح تعمّد في مياه نهر الأردن، وقد تم إدراج هذا الموقع على لائحة التراث العالمي لليونسكو، ليصبح مزارًا سنويًا لآلاف الحجاج والزوار من مختلف دول العالم، ممن يتطلعون إلى تجربة روحية عميقة.
وعلى الضفة الأخرى من التراث، تنتشر في المملكة مقامات إسلامية شريفة تعود لحقب النبوة والخلافة، أبرزها مقام النبي شعيب في السلط، ومقامات الصحابة جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة في الكرك، وهي أماكن يقصدها الزائرون طلبًا للسكينة والتأمل، واستحضار التاريخ الإسلامي العريق.
وفي إطار تعزيز هذا النوع من السياحة الهادفة، تعمل وزارة السياحة والآثار على تطوير البنية التحتية المحيطة بالمواقع الدينية، وتهيئة مسارات سياحية متكاملة تشمل مرشدين متخصصين ومرافق خدمية، بما يعزز من تجربة الزائر، ويُسهم في الترويج للأردن كوجهة سياحية دينية بامتياز.
كما أن السياحة الدينية لا تستهدف الزوار الأجانب فقط، بل تُعد فرصة للأردنيين أنفسهم لاكتشاف العمق الروحي لوطنهم، والإنتماء لحضارة متعددة الجذور، تنبض بالتنوع والثراء والتسامح.
ففي بلد آمن ومستقر، يقدّم الأردن نموذجًا فريدًا للعيش المشترك، ويمنح زواره رحلة إيمانية تمتد من نهر المعمودية إلى قبور الصحابة، في تجربة روحية وإنسانية لا تنسى.