في عصر السرعة والتطور التكنولوجي، أصبحت قلة النوم بين فئة اليافعين تزداد بشكل ملحوظ وتشكل أزمة صامتة تهدد صحتهم الجسدية والنفسية دون أن يشعر بها كثير من الأهل أو المربين.
السهر لوقت متأخر أصبح عادة يومية للعديد من اليافعين، يغذيها الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية، خصوصًا قبل النوم، ويزيدها تفاقمًا غياب الروتين الصحي.
تشير الدراسات إلى أن اليافعين بحاجة إلى 8–10 ساعات من النوم يوميًا، إلا أن الغالبية لا يحصلون على هذا القدر، وتُظهر الأبحاث أن قلة النوم ينعكس بشكل مباشر على التركيز والانتباه، والقدرة على التعلم، والمزاج العام، كما يرتبط بزيادة القلق والاكتئاب، والتغيرات الحادة في السلوك، وانخفاض الأداء الأكاديمي.
أحد الأسباب الرئيسية لهذه الآثار السلبية لقلة النوم هو الاستخدام المفرط للهواتف والحواسيب، حيث يعمل الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات على تثبيط إفراز الهرمون المسؤول عن تنظيم النوم، ومع الاستخدام المستمر للأجهزة ليلًا، يختلّ التوازن البيولوجي
للجسم، مما يؤدي إلى تأخير النوم أو تقطعه، حتى لو حاول اليافع الاستلقاء مبكرًا.
إضافة إلى ذلك، فإن الثقافة المجتمعية التي تمجّد السهر وتعتبره دليلًا على النشاط أو "الروقان"، تسهم في ترسيخ هذا السلوك، مع غياب التوجيه التربوي حول أهمية النوم كجزء أساسي من نمط الحياة الصحي.
للخروج من هذه الأزمة، لا بد من تعزيز الوعي لدى اليافعين والأسر، ووضع قواعد واضحة لاستخدام الأجهزة الإلكترونية في الليل، وتوفير بيئة نوم مناسبة وخالية من الإزعاجات كما يمكن للمدارس أن تلعب دورًا توعويًا فاعلًا من خلال حملات أو حصص تثقيفية.
قلة النوم ليست مجرد عادة سيئة، بل خطر حقيقي يتسلل بصمت إلى أذهان وأجساد الجيل الجديد، ويستدعي وقفة جادة قبل أن يتحوّل إلى نمط حياة يصعب تغييره.