يمثل التسرب المدرسي في محافظة الطفيلة تحدياً يهدد طموحات الشباب، و يعيق بناء مستقبلهم، كما يضعف أواصر المجتمع، ويترك أثراً عميقاً على تطلعاتهم التعليمية، ويستنزف إمكاناتهم لتحقيق ذواتهم، مما يعكس الحاجة الملحة إلى جهود مشتركة تربط الأسر والمدارس والمجتمع المحلي لإعادة الطلاب إلى مقاعد الدراسة، واستنهاض الهمم لبناء جيل قادر على مواجهة التحديات.
ويشكل التسرب المدرسي في محافظة الطفيلة حالة تحتاج إلى دراسة علمية ونفسية عميقة للوقوف على أسبابها والتمعن في مخاطرها وكيفية خلق الحلول الحقيقية الناجحة لها، لاسيّما وأن المشكلة لم تصل إلى ظاهرة لتدخل في دائرة الخطر المجتمعي، إلا أن توسعها يتدحرج من خلال المشاهدات الميدانية والرصد التربوي الذي يؤكد على ضرورة وضع حلول فورية لها.
ويقول الخبير التربوي في جامعة الطفيلة التقنية الأستاذ الدكتور محمد الرفوع إن التسرب المدرسي ينحصر في أسباب رئيسية مثل المشاكل الاقتصادية التي تثقل كاهل الأسر الفقيرة، وعمل الأطفال الذي يصيب 6.5 بالمئة من الذكور الأردنيين، و تدني الأداء الدراسي الذي يشكل 86.2 بالمئة من الأسباب بين الطلبة، إضافة إلى غياب أحد الوالدين الذي يرفع الخطر بنسبة 12 بالمئة، ناهيك عن أمية الوالدين، وكثرة أفراد الأسرة، وإعادة الصفوف الدراسية.
ويضيف الرفوع أن التسرب المدرسي يتسبب في فجوات اجتماعية تتسع بين الأسر الفقيرة، ويؤدي إلى انحرافات سلوكية، ومشكلات صحية نفسية، حيث أن الطلبة المتسربين هم ضحايا لهذه الأسباب ولا يعلمون نتائجها بالشكل الصحيح، مما يجعلهم في مغب الأزمات الصحية والنفسية والسلوكية في آن واحد.
وأشار أن طرق الحل تشمل دعم الحماية الاجتماعية للأسر الفقيرة، وتنفيذ حملات توعية أسرية، وتعزيز الشراكات بين وزارة التربية والمنظمات الدولية المعنية بالطفل.
وقالت والدة أحد طلاب الصف السابع، أن زوجها متوفى منذ 5 أعوام وهي تعيل 7 أطفال، و أن الضغوط المالية والأسرية دفعت بها إلى عدم الاهتمام بشكل كاف بأبنائها ، مما جعل ابنها يتسرب من المدرسة بين الحين و الآخر، مما جعلها تستعين بالمشرف التربوي في مدرسته للتدخل في دعم ابنها وإيقاف هذا السلوك.
وقال أحد طلاب الصف التاسع، أن ضعف الأداء الدراسي بسبب ظروف عائلية خاصة جعله يفكر في التمرد و الانسحاب من المدرسة، دون علم منه أنه يضيع مستقبله الدراسي.
من جانبه قال مدير تربية الطفيلة عمر اللصاصمة إن المديرية نفذت حملات "عودة إلى المدرسة"، وذلك من خلال التعاون مع الأسر، والتخطيط لبرامج تدريبية لخفض النسبة، داعيا التربويين والأهالي إلى التعاون لمنع هذه السلوكيات بين الطلبة في ظل وجود بيئة تعليمية ناجحة ومحفزة وأجواء تربوية تساهم في جذب الطلبة وإدماجهم تعليميا.