لست باحثة في العلوم
الاقتصادية أو القانونية،ولا مهتمة بتطوير مجال التكنولوجيا الحديثة، لست ناشطة في
المجال الإجتماعي أو التنموي ولا حتى فاعلة سياسية،أنا مجرد باحثة عن الإنسانية في
زمن قويَ اضمحلت فيه الإنسانية ،أنا من تبحث على أن تكون إنسان في كوكب يختزل
الإنسانية في القوة .
رغم تطور الأحداث
وتسارعها في زمن التكنولوجيا والاختراعات المبهرة التي أصبح الإنسان يهرول ورائها،
من أجل اكتساب قوة أكبر،إلا أنني تشبثت دائماً بفكرة واحدة،أنه ليس شرطا أن تكون
قويا لكي تكون سعيدا،على عكس ما يحدث الآن في هذا العالم،الكل يجري وراء القوة.
على شرفة إنسانيتي
تغلبت على الضعف مرارا من دون أن تستحوذ عليها هواجس القوة والسيطرة،لكن ظل السؤال
مطروحا بذهني هل سأكون أنا سعيدة أيضا إذا أصبحت قوية؟ تهت وأنا أحاول فك المعادلة
حتى انجرفت ورائي سيول من التساؤلات،مثلا هل قوة إنسان تعني تدمير إنسان آخر؟ لم
كل هذا الدمار الذي يساهم فيه الإنسان في سبيل قوة واهمة؟ أليس غريبا أن نُسمى
إنسانا ولا إنسانية فينا؟ أليس غريبا أننا ما زلنا نبحث عن الإنسانية ونحن
الإنسان؟
نحن الآن نعيش بعالم
نتحدث فيه عن العنصرية حين نَصفِ الإنسان الأسمر ولا نتحدث عنها عندما نصف
الأشقر،نتحدث بإسم الحرية عندما يتعلق الأمر بسجن الإنسان ولا نحتج على سجن
الإنسانية و تقييدها بأغلال القوة المدمرة والحقد والكراهية المنتشرة ثم نقول أين
الحرية؟ إن الحرية عنوان الإنسانية فكيف لنا ان نكون إنسانا حرا من دون إنسانية؟
لربما نحن الآن بعالم أصبحنا فيه أقوياء لكننا لسنا أحراراً عالم نتبجح فيه بزمن
الاختراعات والتطورات والتقدم ونتحدث عن الرقي والحضارة،في حين أننا لا نرى سوى
تخريب أكثر ,من طرف الإنسان للإنسان نفسه،نتدخل بالأسلحة لنشر السلام فيه،ولا نتخذ
السلام مبدئا ونقضي على الأسلحة المدمرة له .
وفي الختام،لست أدري
حجم الجشع الذي حكم سلوك الإنسان،وكيف سيطر على إنسانيتنا حتى تخطى جميع السلوكيات
الهمجية والبربرية القديمة بوحشيتها وتخلفها،ففي سبيل الصعود على سلالم العيش
برفاهية وبذخ أصبح الإنسان عدوا لأخيه،أعمت بصره وفسدت بصيرته،لا أعلم سوى أنه في
بقع كثيرة من هذا العالم ،سُفكت العديد من نقط الدم الحمراء من أجل بضع نقط من
النفط سوداء اللون بلون العنصرية المزعومة ،حيث ازداد يقيني أكثر أن هذا العالم
يحكمه قانون الغاب،القوي يحكم والضعيف يسعى للعيش أكثر.